قبل ثانيتين من الكارثة!
يلعب العامل البشري دورا ملحوظا في الكوارث الجوية حتى في الأوقات العادية حين تكون محركات وأجهزة الطائرات سليمة تماما. هذا بالتحديد ما جرى في حادث تصادم "شيزوكويشي" المأساوي.
أحد طرفي هذه الكارثة الجوية، طائرة مقاتلة تابعة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية من طراز "إف – 86 إف"، كان يقودها متدرب يبلغ من العمر 22 عاما هو الرقيب "يوشيمي إيتشيكاوا".
هذه المهمة التدريبية كان يقودها في طائرة مرافقة من نفس الطراز، النقيب "تاموتسو كوما".
الطائرتان المقاتلتان اليابانيتان أقلعتا ظهر يوم 30 يوليو 1971 الساعة 01:28 من قاعدة "ماتسوشيما" الجوية للتدرب في سماء محافظة "إيواتي" بمنطقة "شيزوكويشي"، في فضاء يبعد 9 كيلو مترات عن أحد مسارات الطائرات التجارية.
الطرف الثاني طائرة ركاب "بوينغ – 727- 281"، كانت متوجهة في الرحلة الداخلية رقم 58 من سابورو إلى طوكيو وعلى متنها 162 شخصا بينهم 155 راكبا معظمهم كانوا في رحلة العودة من هوكايدو إلى فوجي.
طائرة الركاب اليابانية كان يسيرها طاقم بقيادة سابورو كاوانيشي، البالغ من العمر 41 عاما، وكان في رصيده 8000 ساعة طيران، ومساعد طيار شاب يبلغ من العمر 27 عاما، وميكانيكي عمره 30 عاما، إضافة إلى ثلاث مضيفات.
تصادف أن تم إغلاق المجال الجوي الذي كان مقررا أن تجري فيه الطلعة التدريبية وعلى ارتفاعات تتراوح بين 7600 إلى 9450 مترا، أمام الرحلات الجوية باستثناء رحلات الطوارئ.
وصلت طائرة البوينغ في الساعة 13:59 إلى سماء محافظة "إيواتي" وكانت تطير بسرعة 902 كيلو مترا في الساعة على ارتفاع 8535 مترا.
بعد دقيقتين، بدأت الطائرتان المقاتلتان في الانعطاف يمينا بسرعة 824 كيلو مترا في الساعة بزاوية 180 درجة مع الصعود أعلى.
فجأة رأى المدرب أن طائرة المتدرب تتجه مباشرة نحو طائرة الركاب، فأمره بالانعطاف يسارا فورا، وفي نفس الوقت أوعز لطاقم طائرة الركاب أيضا بالانعطاف يسارا.
الوقت لم يسعف. بعد ثانيتين من ذلك، في الساعة 14:02 اصطدم الجناح الأيمن للطائرة المقاتلة التي يقودها المتدرب بمثبت طائرة الركاب الأفقي الأيسر. تمزق جناح الطائرة المقاتلة وهوت بشكل حاد وتحطمت في حقل للأرز، في حين تمكن المتدرب من القفز بالمقعد الصاروخي والنزول بسلام بالمظلة.
فقد الطاقم السيطرة على طائرة الركاب بعد الاصطدام، وبدأت في السقوط، أدرك قائدها "كاوانيشي" استحالة معالجة الموقف وتمكن من إرسال إشارة استغاثة إلى برج المراقبة.
هوت طارة الركاب إلى الأرض بسرعة متصاعدة، وعلى ارتفاع 4600 اخترقت حاجز الصوت وبدأت في التفكك بسبب قوة السحب الديناميكية الهوائية الهائلة.
سقط حطام "البوينغ" على مشارف بلدة "شيزوكويشي"، ولقي جميع الركاب حتفهم، وبقيت هذه الكارثة الجوية حتى عام 2013 الثالثة الأكبر في تاريخ اليابان والثانية بالنسبة لطائرات بوينغ – 727.
تبين لاحقا أن الطيار المدرب صاحب الخبرة الطويلة في قيادة الطائرات، قاد من دون قصد المتدرب الذي لم يتجاوز رصيده 21 ساعة طيران إلى مسار جوي تجاري مرتين أثناء المهمة التدريبية.
التحقيق توصل إلى أن السبب الرئيس في الكارثة الجوية، خروج الطيار المدرب من المجال الجوي للتدريب ودخوله ممرا جويا تجاريا من دون أن يُكتشف.
من سوء الحظ أيضا أن المدرب لم ير طائرة البوينغ 727 إلا قبل ثوان من الاصطدام.
بالمقابل، رصد طاقم طائرة الركاب الطائرتين المقاتلتين قبل 7 ثوان من الاصطدام، لكنه لم يسارع للقيام بأي مراوغة لتفادي الكارثة. رجح الخبراء أن الطاقم استهان بالخطر.
من أسباب الكارثة الجوية أيضا أن طائرتي "إف – 86" لم تكونا مزودتين برادار للكشف عن الحركة الجوية، علاوة على ازدحام الأجواء والاعتماد على الرؤية البصرية لعدم وجود تنبيهات تصادم آلية.
أدين النقيب المدرب بتهمة القتل غير العمد، وقضت المحكمة بسجنه لمدة 3 سنوات مع وقف التنفيذ، في حين تمت تبرئة المتدرب.
إثر هذه الكارثة الجوية التي تعد واحدة من أخطر حوادث الطيران في اليابان، استقال كل من مدير وكالة الدفاع اليابانية ورئيس أركان قوات الدفاع الجوي.
من المأساة استخلص اليابانية الدروس وقاموا بتوسيع نطاق تغطية الرادار، كما شُددت ضوابط المجال الجوي، وجرى تحسين طرق تدريب الطيارين في البلاد. مع كل ذلك تبقى احتمالات "الخطأ البشري" قائمة دائما ولا يمكن تفاديها بشكل نهائي على أي حال.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
ملك بملابس رثة وباروكة من شعر العشيقات "الحميم"
واجه الملك الإنجليزي تشارلز الثاني الكثير من المحن بعد أن أعدم الجمهوريون بقيادة أوليفر كرومويل والده الملك تشارلز الأول عام 1649، لكنه لم يتوقف عن جمع الشعر "الحميم" من عشيقاته.
لم تتزوج، لم تنسَ، لم تُنسَ.. قصة امرأة عاشت حياة كاملة في ظل كارثة لم تعرفها
بعد 73 عاما من غرقها عثر على سفينة الركاب المنكوبة "تيتانيك" في مياه شمال المحيط الأطلسي العميقة في 1 سبتمبر 1985. هذا الحدث كان نقطة تحول في حياة امرأة تدعى ميلفينا دين.
9 دول عربية على موعد مع "كسوف القرن"!
لو زعم أحدٌ في الماضي أنه يعرف مواعيد كسوف الشمس وصَدق لوُصف بالساحر، إلا أن مثل هؤلاء اليوم علماء، يتقنون متابعة حركة الاجرام السماوية ويعرفون أننا على موعد قريب مع "كسوف القرن".
ماذا لو بقي "قرنق" مهندسا زراعيا؟
من المفارقات التي تضادفنا أن حدثا أو موقفا قد يتعلق بشخص واحد يأتي في خضم ما، يغير في لحظات حاسمة مجرى التاريخ. هذا ما جرى للسودان في شخص الزعيم الجنوبي جون قرنق.
مَن يقف وراء العمليات "المستحيلة" وكيف صنعت روسيا أسطورة قواتها الخاصة؟
تعد قوات "ألفا" من أشهر وحدات القوات الخاصة في روسيا والعالم، وقد تأسست في حقبة الاتحاد السوفيتي بأمر من رئيس جهاز "كي بي جي" يوري أندروبوف في 29 يوليو 1974.
في سن الستين اكتشفت أن والدها "مجرم حرب" وبالصدفة
أصيبت الصحفية الألمانية المعروفة أنيغريت إيخورن بصدمة كبيرة وهي تتفحص مجموعة من الصور في معرض عن جرائم جيش ألمانيا النازية في الاتحاد السوفيتي. في إحدى الصور تعرفت على والدها.
عادت إلى الأرض وبقي اسمها في السماء!
أتقنت قيادة عشرين نوعا من الطائرات بما فيها المقاتلة من "الميغ – 15" حتى "الميغ – 25"، ثم أصبحت رائدة فضاء وشاركت في رحلتين، وسبحت في السماء لمدة 3 ساعات و35 دقيقة.
التحقيق في تحطم الطائرة الهندية الشهر الماضي يكشف مفاجأة بمفتاح الوقود (فيديو)
أصدر مكتب تحقيقات حوادث الطيران في الهند تقريرا أوليا بشأن تحطم طائرة تابعة لشركة "إير إنديا" وقع في شهر يونيو 2025، مشيرا إلى احتمال وجود مشكلة في تزويد المحركات بالوقود.
التعليقات